jeudi 23 octobre 2014

موريتانيا:مآسي الاغتصاب

لقد مرت سنة على قضية المواطنة الموريتانية باندا سوغو،التي قامت مجموعة وحوش بشرية باغتصابها،مرت سنة من دون أن تتحقق العدالة ويعاقب الجناة،وبهذه المناسبة الأليمة أعيد نشر مموضوع كتبته سابقا لموقع freearabs عن القضية وعن الاغتصاب في بلدنا بشكل عام.

وقفة احتجاجية نظمت يوم 3 أبريل في نواكشوط تنديدا بعجز السلطات للتصدي إلى المغتصبين
الحالات تتعدد، والأصوات تعلو مطالبة بتغيير القانون. فالنصوص التي تحكم حاليا جريمة الاغتصاب في موريتانيا حافلة بنقاط الغموض، وغالبا ما تضع الضحية في وضعية جد حرجة تحيل إلى أنها... شريكة في الجريمة !
تعيش المرأة الموريتانية هذه الأيام حالة من الرعب والقلق بسبب استفحال ظاهرة العنف ضد النساء. لكن هذا القلق بلغ حد الذروة حين قامت مجموعة من المنحرفين باغتصاب وقتل وتشويه جثة فتاة موريتانية تدعى باندا سوغ، وهذا ما تصدر عناويين الصحف والمواقع لأسابيع. هذه الحادثة أدت إلى خروج مجموعة من المنظمات الحقوقية الموريتانية يوم الثالث من إبريل في مسيرة حاشدة  قدرت بـ5000 سيدة،  انتهت بتجمهر أمام مقر وزارة الداخلية. أعطت هذه المنظمات للمسيرة عنوان "العدالة صفر"، وذلك لأنها اعتبرت أن قصة باندا ما هي إلا تعبير صارخ عن حالة الاضطهاد التي تعانيها المرأة في موريتانيا والتي يتسبب فيها عدم وجود قانون يحميها من المصابين بالسعار الجنسي. 
هذه الحالة التي وصلت إليها ظاهرة الاغتصاب في موريتانيا ليست مفاجأة للكثيرين. في العام الماضي، أصدرت "منظمة صحة الأم والطفل" بموريتانيا دراسة تفيد بأنه خلال السنوات الأخيرة حدثت 1166 حالة اغتصاب في البلد، وأنه في سنة 2008 وحدها تم الكشف عن 306 حالة. و رصدت منظمة "آدم لحماية الطفل والمجتمع" 20 حالة اغتصاب في شهر مارس المنصرم، وبدورها تحدثت مبادرة "لا للإباحية" عن حدوث 800 حالة اغتصاب سنويا. 
قد تكون هذه الارقام عادية في دول ذات كثافة سكانية عالية، لكن الأمر مختلف في بلد كموريتانيا، لا يفوق عدد سكانه 3 ملايين نسمة. يجب التنبيه أيضا إلى أن الأرقام المذكورة تعبر عن الحالات التي يتم كشفها للعلن وهي طبعا نسبة قليلة جدا من مجمل الحالات. فحسب إحدى الدراسات التي أعدت حول الاغتصاب، فإن 90% من الحالات لا يتم التبليغ عنها.
بغض النظر عن الأرقام، ما يلفت النظر هو ازدياد الوتيرة، حيث يرى مراقبون أنه حدث في السنوات الأخيرة تزايد ملحوظ جدا لعدد الاغتصابات. من الأسباب المرجحة: ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، صعوبة الزواج وضعف الأجهزة الأمنية.
المادتين 309 و 310 من القانون الجنائي الموريتاني تعاقب المغتصب بالأشغال الشاقة المؤقتة والجلد 80 جلدة (لكن يبقى هذا العقاب "نظري"، أو بالأحرى رمزي،  بما أن الحدود لا تطبق في موريتانيا.) غير أن القانون، وفي غياب الالتجاء إلى تقنية الحمض النووي (فقط لعدم توفر الآليات اللازمة في موريتانيا)، يضع شروطا تعجيزية لإثبات حادث الاغتصاب، مثل ضرورة وجود أربع شهود على الواقعة أو اعتراف الفاعل. فعليا، القضايا التي تم الحكم فيها بالاغتصاب لا تتعدى 1% من القضايا المطروحة. هذا بالطبع يعني نسبة هائلة من الإفلات من العقاب.

القاضي أول ما يسأل عنه المغتصبة هو نوع لباسها اثناء عملية الاغتصاب، وكأن مسؤولية الواقعة يجب أن ترمى على عنقها بدل عنق المغتصب.
رغم انتشار ظاهرة الاغتصاب في موريتانيا، تفضل الأغلبية العظمى من المتضررات السكوت والانزواء، خوفا من المجتمع والعار الذي يلحق بهن بعد الحادثة. تقول مكفولة منت أحمد الناشطة في مبادرة "تكلمي" المناهضة للاغتصاب في موريتانيا، في تصريح لموقع العرب الاحرا ر: "يعود خوف المغتصبة من التبليغ عن المجرم إلي نظرة المجتمع السوداوية، وخوفا علي فرصتها في إيجاد شريك، وأحيانا الظروف التي جرت فيها الجريمة. كما أن تدخل الأسرة كـ"وسيط لحل المشكل" (وكأنه ليس جريمة بل مجرد سوء تفاهم) يدمر الضحية نفسيا ومستقبليا. فمعظم القضايا يتم تسويتها بالزواج أو بتعويض مقابل سحب الشكوى (إن تم وضعها أصلا)."
وبما أن القانون حافل بنقاط الغموض، غالبا ما تجد الضحية نفسها في وضعية جد حرجة تحيل إلى أنها... شريكة في الجريمة ! فالقاضي أول ما يسأل عنه المغتصبة هو نوع لباسها اثناء عملية الاغتصاب، وكأن مسؤولية الواقعة على عنقها بدل عنق المغتصب. أضف على ذلك أن هناك خلط مبدئي بين جريمة الاغتصاب وجنحة الزنا (أي العلاقات الجنسية برضى الطرفين لكن خارج الزواج الشرعي، وهذا ما يحرمه القانون الموريتاني). فالقاضي دائما يسأل إن كانت المرأة "في حالة إغراء"، وفي حال "ثبات" ذلك (و بحيث انعدام الشهود والأدلة، صلاحية "الإثبات" هذا تكون عمليا على مزاج القاضي)... تعتبر القضية زنا ويعاقب "المقترفان" سويا! لعل هذا الظلم الفاضح يزيد على ما أوقعه الاغتصاب من دمار في نفسية الضحية. 
معظم السيدات اللاتي يقضين مدة في سجون موريتانيا  بسبب هذا النظام العبثي يحترفن الدعارة و/أو الجريمة عند خروجهن، لأن المجتمع لم يترك لهن سبلا أخرى. تضيف الناشطة مكفولة: "من دوافع تأسيس "تكلمي"، تقديم الدعم اللوجستي والتأهيل النفسي للمغتصبة وإدماجها في الحياة المهنية كشخص يتقبله المجتمع". لعل هذا أعظم تحدي...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire