dimanche 4 octobre 2015

زواج القاصرات في موريتانيا بين الوعي والمعاناة

تخذ الحكومة الموريتانية مجموعة من الخطوات كتدشين الحملات لزيادة مستوى الوعي بالمخاطر المترتبة على تزويج القاصرات ، إذ لا يزال هذا البلد يدرج في قائمة الدول حيث ينتشر زواج الأطفال.
وترمي الحملات التي تشرف عليها الحكومة إلى لفت أنظار أولياء الأمور إلى تداعيات تزويج القاصرات وانعكاساتها على الجانبين الصحي والتنموي، إذ لا تزال موريتانيا تتبوأ موقعها بين الدول حيث ينتشر تزويج الأطفال.
وينطلق أولياء الأمور في تزويج بناتهم من فتاوى دينية "يصدرها رجال الدين المتشددين". وعلى الرغم من أن تجارب الزواج المبكر تسفر عن مآسٍ إلا أن ذلك لا يشكل عقبة أمام أولياء الأمور في تزويج بناتهم الصغيرات.
ومن ضحايا هذه الممارسة الشابة زينب أحمد سالم البالغة من عمرها 26 عاما، التي تصف تجربتها بالمأساوية. وتنشط الشابة الموريتانية التي تزاول عملها كصحفية متدربة في إحدى الإذاعات المحلية، في منظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق المرأة، وقد أُرغمت على الزواج عندما كانت في التاسعة من عمرها من رجل في عمر والدها، سرعان ما طلقها بعد أن أنجبت بنتا.
وتقول زينب في حوار مع الموجة الألمانية "DW" إن ما عانته بسبب زواجها المبكر دفعها إلى دخول العمل الإعلامي والحقوقي، بهدف "إيصال صوت مئات الفتيات اللاتي يعشن نفس التجربة ولا يقدرن على التعبير عن معاناتهن بسبب الخوف أو عدم إدراك ما يعشنه من ظلم اجتماعي وديني".
وتواصل زينب أنها لم تكن تدرك معنى ومفهوم الزواج، لكنها تذكر جيدا يوم عرسها حين حملتها عمتها "بالقوة إلى الخيمة التي كان علي أن أخضع فيها للاغتصاب على يد رجل يكبرني بـ 25 سنة"، مشيرة إلى أن عمتها كانت تحملها في صباح اليوم التالي إلى خيمة والدها.
ظلت الأوضاع على هذا الحال إلى أن طلقها الزوج بعد شهر واحد من زواجه بها، وانتقل إلى أنغولا لمزاولة التجارة، ولينتهي الأمر بالطفلة إلى إنجاب طفلة، وبصورة والدتها التي حُفرت في ذاكرتها وهي تبكي خوفا على ابنتها من الموت أثناء فترة الحمل، علما أن زينب تقول إنها لم تحتفظ في مخيلتها بأي صورة لرجل كان ذات يوم يسمى زوجها.
وتضيف الصحفية الشابة أن والديها أعربا عن ندمهما بسبب موافقتهما على تزويجها لرجل مقابل شيء من المال "للاستمتاع بفتاة بعمرالزهور"، معربة عن حسرة في قلبها إزاء مواصلة هذه العادة في وسطها العائلي ومجتمعها، "دون إحساس بالمسؤولية أو الندم".
كما تقول زينب أحمد سالم: "أنا شخصيا أشعر بالغربة داخل وسطي العائلي لأنني أصر على منطق رفض زواج الأطفال، بل إن الكثير من قريباتي ينظرن إلي نظرة سخرية ودونية لأنني أعيش بدون زوج وأنا في عمر 26 سنة".
حول هذا الأمر يقول رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة حملة مناهضة زواج الأطفال عبد الله جاكيتي إنه "بدلا من تحميل الطفل مسؤولية إعالة أسرة، ينبغي أن نرسله إلى المدرسة لصناعة شخص فاعل في التنمية"، مشددا على خطورة هذه الظاهرة التي تشهد انتشارا ملحوظا في موريتانيا في السنوات الأخيرة، إذ تشير إحصاءات سنة 2011 إلى أن 37% من فتيات البلاد تزوجن قبل بلوغهن 18 عاما، و25% تزوجن قبل بلوغهن 15 عاما، فيما بلغت نسبة الموريتانيات اللواتي تزوجن قبل بلوغهن 18 عاما في الريف 41%.
يُشار إلى أن الكثير من أولياء الأمور يجدون في تزويج بناتهم المبكر حلا لمشكلة معقدة. من هؤلاء التاجر محمد ولد بوداية الذي قال أن "تزويج القاصر بات مسألة يفرضها الانحلال الأخلاقي للمجتمع وعدم اطمئنان الآباء على مستقبل بناتهم".
وأضاف.. "عندما تصل البنت إلى 9 سنوات ينتاب الأب القلق على مستقبلها، فالمدرسة التي كانت معيارا لتعزيز الأخلاق لم تعد كذلك، وفي الشارع تنتشر ثقافة التحرش، وفي البيت يوجد التلفزيون والهاتف النقال، وإزاء كل هذا أفضل تزويج بنتي لأول طارق مهما كان عمره".
لكن على الجانب الآخر هناك من يتصدى لتزويج القاصر ويرفض أن يتبنى هذا الفكر، محملا المجتمع مسؤولية تفشي هذه الظاهرة. من هؤلاء الكاتب سعيد حبيب الذي يقول "نحن من ندفع بالبنت في مرحلة مبكرة إلى الاحتكاك بالرجال بسبب الكبت، ولهذا نقضي على جانب الطفولة داخلها، والنتيجة هي كثرة انتشار حالات الطلاق والانحراف".
كما هناك من يواجه هذه الظاهرة بقراراته الشخصية التي قد تجعله يبدو جزيرة منعزلة في مجتمع لا يرى ما هو غريب في هذه الممارسة المرفوضة، مثل الناجي عبد الله الذي يقول.. "أنا شخصيا رفضت تزويج أخواتي لأنهن قاصرات رغم ما سبب لي ذلك من مشاكل في القبيلة، وحاليا أرفض عرضا من العائلة بالزواج من قريبة لي قاصر، العقلية مازالت منتشرة، ولكن مقاومتها ليست صعبة".
المصدر: RT + "القدس العربي"

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire